سؤال في السياسة ........ يقدمه الكاتب / طارق رجب
هل مصر أضحت دولة للمتسولين والبلطجية
لقد حدث ما حدث وانتهى الأمر ، ولكن إلى أي مدى سيستمر ما نحن فيه، فالآن يسيطر على الشارع المصري إما بلطجية أو مستولون وسط غياب أمني بالغ الشدة، وتقصير حكومي فج، فهذا يوضح إلى أي مدى كان نظام مبارك بالغ السوء، فالشعب بائس، ولا يملك شيئاً سوى عافيته التي يقويها المخدر والسلاح فيتحول إلى بلطجي أو يرفع عن وجهه برقع الحياء قبل خروجه من باب بيته، هذا إن كان لديه بيت أصلا، ويتحول إلى مشروع متسول أو متسولة. أما أطفال الشوارع فحدث ولا حرج، إنها مأساة شديدة البشاعة فعلا ، ظهرت بوضوح بعد الثورة حيث كشفت مدى الزيف الذي كان النظام السابق يروجه بأن مصر جميلة وبها استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي وإنه ...وإنه .... ولكن الحقيقة ظهرت الآن جلية على حقيقتها، فمصر أضحت كالهيكل العظمي أوردته مكشوفة ظاهرة للعيان دون لحم أو شحم، فالعروق بشعة بعد أن استنزف لصوصها دمائها ولحمها وشحمها، ولم يكفهم ما هو سائل من مال، بل قاموا بتسييل كل ما هو مجمد سواء أكان أرضا فباعوها أو غازا أو بترولا أو آثارا فنهبوها، بل أنهم قاموا بتسييل عملاتها الذهبية الأثرية التي لا تقدر بثمن. إننا كنا تحت سيطرة لصوص أشد وأنكى من يأجوج ومأجوج امتصوا دمائنا وقتلونا وسمموا كل شيء، واستخسروا فينا كل شيء حتى الهواء حسدونا عليه فلوثوه، وذهبوا هم هربا إلى السواحل ليعيشوا فيها، سمموا الطعام وأتوا بطعامهم بالطائرات من الخارج مجهزا ومغلفا لم تمسسه يد، فأكلوه وهم مطمئنون أنه غير ذات الطعام المسمم والمسرطن الذي أطعموه لأهاليهم. أي أناس هؤلاء؟! وللأسف الجميع يعرف هذه الحقيقة وأولهم الهيئة العسكرية المتواطئة معهم والقضاء الذي لا أخفي أنه به بعض العناصر الفاسدة التي أعدها النظام السابق لذلك الأمر، فهو لم يترك شيئا إلا وأعد له عدته، حتى إن قامت الدنيا عليه فالأموال المهربة تدار تحت ستار شبكة عنكبوتية صعب ومستحيل الوصول إليها والقضاء فيه من سيقوم بتمييع القضايا ويطيل أمدها، ويبرئ ما يقدر أو يستطيع تبرئته. والحجة معروفة نقصان الأدلة أو إفسادها ، فمهما فعل المصريون الأقزام هكذا يلقبوننا، ومهما صحنا أو هللنا فهم متأكدون أن النظام لا زال قائما، وهو الذي يدير والذي يحكم تحت سمع وبصر الجميع كأنه يقول ( هع ) موتوا بغيظكم ، تعملوا كده تيجولنا كده تودونا كده إحنا برده هنفضل كده وراكو وراكو لن نترككم يا مصريين يا أقزام فنحن حاكميكم " ، ما رأيكم يا سادة في ذلك الأمر ، فنحن نرى أن النظام لم يسقط، وأنه مثل الوباء السرطاني مستشري في أرجاء مصر في كل مكان، في كل مصلحة، في كل شارع، في كل عطفة، في كل حارة، في كل بيت، في كل أسرة، في كل نفس. لذلك كيف السبيل إذن للعلاج؟ إننا نشعر كأننا نؤذن في مالطة، بل أن مالطا قد تُسلم وتفهم آذاننا، ولكن المصريون لن يبرؤوا من تلك المفاسد وذلك الداء الذي أوجده داخلهم نظام مبارك الفاسد. إن العلاج لن يتأتى بين يوم وليلة بل قد يكون لسنوات وسنوات وسنوات . وبين تلك السنوات والسنوات لابد من إجراء عدد لا حصر له من العمليات الجراحية الباترة يعقبها تعقيم شامل لكافة أنحاء الجسد المصري. ولكن ما نخشاه ألا يصبر المصريون على تناول جرعات الدواء الشافي أو تحمل آلام الجراحات وقوة التعقيم، فإنه دون مبالغة أكثر من نصف الشعب المصري مريض والنصف الآخر مغيب تائه لا يعرف براً من بحر، أما صفوة الشعب كله الذين يتمنون الخير من قلوبهم لبلدهم لا يتعدوا المليون فرد وسط أكثر من ثمانية وثمانين مليونا . فماذا يفعلون؟ إنهم قد صاحوا وهاجوا وأوقدوا نيران الثورة وساعدهم الله من قبل ومن بعد حتى نجحت بأمر من الله وأسقط النظام في غفلة من النظام نفسه لأن الله هو من غفله وجعله يسقط نفسه بنفسه ، وبعد أن نجحت الثورة ها نحن نرى يتخطفها الكثير والكثير ممن لم يكن فيها أو يقف لحظة أو ينطق بكلمة في حقها، فكل من بيده الأمر الآن لم يكن عضوا فاعلا فيها أكثر من ثمانون في المائة منهم كانوا ممن يتعاونون مع النظام السابق وممن يطبلون ويزمرون ويرقصون ويخلعون ثيابهم مظهرين عوراتهم ليتمتع بها وبرؤيتها النظام السابق فيعطي هذا مقعدا وهذا منصبا وهذا نفحة من مال وهذا موقعا في لجنة السياسات وهلم جرا. ولكن الآن بعد أن ارتدوا ملابسهم وداروا سوآتهم يتشدقون بالبطولة وأنهم ما كانوا يخلعون ثيابهم أمام النظام ويرون سوءاتهم إلا من أجل مصر يا للوقاحة يا للفجاجة ، ما رأيكم فيهم يا أعزائي القراء، احكموا أنتم عليهم فأنتم أقدر مني فأنتم ترون بأعين أقوى من عيناي، وتسمعون بأذن أقوى من أذني، فهل هؤلاء يستحقون أن يسرقوننا و يحكمون باسمنا ؟! فنحن نرى ما بني على باطل فهو باطل، فكل من كان فاسدا في السابق أو شارك في الفساد والإفساد لا يستطيع أن يعمل ويبني مصر، فمصر في حاجة للنظيف الذي وقف ينادي بالثورة دون أن يتسخ عقله أو قلبه أو ضميره أو يده أو أرجله، هؤلاء من سيبنون مصر ، هؤلاء هم من يجب أن تُسلم لهم مصر لتبدأ بهم ومعهم دنيا جديدة وحياة جديدة لا مكان فيها لمتسول أو بلطجي أو لص أو مرتشي أو سارق أو حاقد أو حانق أو فاشل أو متسلق أو عميل أو متوانس كل هؤلاء يجب بترهم قبل أن نبني الوطن.لذلك نرى أن الحلم لا زال أمامه الكثير والكثير، وأول شيء يجب أن نقوم به هو الثورة الجديدة التي تعيد الأمور إلى نصابها وتزيل هؤلاء الفسدة من هذا النظام، فإن سقط مبارك لم يسقط نظامه بعد ، وحتى تؤتي الثورة أكلها لابد من ثورة مكملة تزيل عناصر النظام الفاسد، ثم نقوم بعملية تعقيم شامل حتى يتسنى لنا البناء من جديد على أسس سليمة واضحة وهدف نراه جليا مشرقا، إننا مصريون قولا وفعلا ، وإننا سنسود ويجب أن نسود ولابد أن نسود، بل يقينا سنسود، بل يقينا سنسود.
خلص الكلام الكاتب / طارق رجب
No comments:
Post a Comment