Sunday, 22 January 2012

قطر والحب تحت المطر .....؟

طلقة موت .... يقدمها الكاتب / طارق رجب
قطر والحب تحت المطر .....؟
كان ياما كان ، كان هناك شابا يجلس في أبعدية أبيه وسط الصحراء المترامية حول تلك البلدة الصغيرة التي لم يكن لها أدنى شأن فهي قطرة في ماء الخليج لا تعدو شيئا ذات أهمية، وكان الأب له العديد من الأولاد، وكان بطلنا هذا الجالس على تلك الربوة كان قد زوجه أبوه ثم تزوج ثانية وأنجب من الاثنتان ولكن كل مرة كان الزواج إما باختيار الأم أو بأمر من الأب ، فهو ابن شيخ القبيلة ولابد من التصاهر بين هذا وذاك ليتوسع الملك ويتحول إلى إمارة ، وبالإمارة ( يتأمر ) وعندما يتأمر لا يكون أحد قبله ولا بعده، المهم جلس صاحبنا على الربوة وكان مكتئباً، فهو لا قيمة له في دنيا الرجال، فهناك من هو أفصح منه وأكمل منه وله الحظوة عند أبيه رغم أنه كن يطيعه ويسمع وينفذ كل ما يشير إليه أبوه وتبثه في قلبه وعقله أمه حتى يحظى بالقرب الشديد من أبيه ربما يفضله على سائر إخوته، ويقربه نجيا ، ولكن هذا لم يحدث مطلقا رغم تنفيذه لكل ما يطلب منه وآخرها زواجه بتلك القزمة لكي ....... آه من لكي هذه ....... لكي تكون الإمارة إمارة بحق وحقيق، حيث الذهب الأسود بدأ يزداد سيلانا من تلك البقعة ، ولكن رغم كل ذلك لم يعد وليا للعهد من بعد أبيه، لذلك اكتئب وجلس على تلك الربوة. مرت سويعات شعر بالخواء والجوع، نظر حوله فإذا بشجرة على مقربة منه، فقام إليها، فإذا هي شجرة موز، فمد ذراعه ليأخذ سبطة منها، حيث جلس وهم بتقشير واحدة، ففزع مما رأي حيث خرجت من خلف القشرة جنية شديدة الروعة والجمال ألجمته فجرى مبتعداً ، ولكنها جذبته من جلبابه، ولكنه لم يعبأ، وظل يرقد حتى قفزت إلى رأسه وجلست على عقاله قائلة:" إعقل ولا تخف، فأنا موزة سعدك" ، لم يجد بدا من الوقوف ثم العودة والجلوس أمام ذلك السباط من الموز، حيث نزلت من فوق عقاله بعد أن سلبت عقله وهي تنزل من فوق رأسه مدلية ساقيها المرمريتين فشهق شهقة ضربته بعدها على ظهره حتى لا يخر صريعا وابتسمت " ايه ، أنت هتموت بمجرد رؤيتك لساقاي، أمال لو رأيت هذا ... وهذا ....وهذا ... وتذوقت هذا .... وقضمت هذا ...إنني لست موزة وفقط، فإنا موزة آتية من الجنة إليك، وإن كنت من نار استعرت داخلي عندما رأيتك، فأنت رجل ليس كمثل الرجال..." همهم متعجبا من كلامها ، همست " لا تقلق سأجعلك هكذا، شوف" وملست على ظهره فانفرد وانتصب كل ما فيه ونفرت أوداجه وشعر أنه كالطاووس في خيلائه، همست في أذنه " ما رأيك ؟ أصادقة فيما أقول يا أميري وأمير المدينة " ، ضحك "آه كله إلا دي ، تقدرين جعلي أقوى رجل و...و... ولكن ليس بوسعك أن تجعليني أميرا عليها، فأبي ، وما أدراكي ما هو أبي، ثم إن لدي أخوة أكبر مني ويفضلهم أبي عليّ ، ولكي أكون أميرا في يوم ما، لابد وأن أنتظر الكثير والكثير، يرحل أبي وكذلك أخوتي الذين يسبقونني في الفوز بالإمارة " همست " بل ستكون أنت الأمير قبلهم وقبله " جحظت عيناه ، فأكملت " صدقني ، أباك سيترك لك الإمارة مجبراً ،والأخوة كذلك ، كل ما في الأمر عليك أن تسمعني وتطيعني وتتزوجني وسترى."
قال " كيف سأتزوج جنية ؟!" همست " أنا لست جنية، بل إنسية بداخلي جنية، ومررت على الجنة وأتيت لك منها ( بموزة ) ، هلم لتأكلني" رد " معنى ذلك أن اسمك (موزة )" ردت " وماذا في ذلك ؟! ألا يعجبك هذا الاسم، تزوجني وسترى، لن ترى عسلا أشهى من عسلي" هم بالتذوق فابتعدت " لا ليس الآن ، بعد الزواج .." قال " ولكن أبي" ردت " لا تخف خذني إليه وأنا سأجعله يبصم عليّ" سار بها ولم يقل شيئا وإن كانت داخله أشياء وأشياء حتى وصل إلى القصر، لاحظ كل من حوله ينظر إليه نظرة غير تلك النظرة التي كانوا ينظرون إليه بها، انطلق إلى حيث يجلس أباه وهي خلفه، فنظر أبوه إليه وهم يزمجر في وجهه، ثم ما لبث أن لُجم لسانه وتحول إلى الابتسام حيث قال " من أين أتيت بتلك الفاتنة" أجفل الأمير الصغير فوكزته في كتفه ، فاستعرت النار في جسده فصاح "أريدها زوجة يا أبي" ، رد الأب " ما يخالف ، تزوجها " مالت على أبيه تقبل يده، ثم ملست على رأسه فاقشعر العجوز ولم ينطق، مرت الثلاثين يوماً كان الأمير الصغير ينهل منها وتنهل منه، عاد بعد الشهر إلى الإمارة غير ذات الشخص الذي كان، عاد رجلاً يهابه الجميع بمجرد النظر إلى عينيه، ماذا فعلت به تلك الموزة؟ لا يعرفون، لقد بثت بداخله سحرها الذي ألجمهم ، وهاهو الأب يقربه ويؤثره عن الثلاثة الذين قبله.
لم يمر العام حتى اختاره الأب وليا للعهد، وبعد العام الثاني قام باعتقال أبيه وحبسه بعد أن أرهبه وأرهب إخوته وتملك الإمارة منصبا نفسه أميرا عليها، وأضحت ( الموزة ) هي سيدة القصر، وسيدة الإمارة، فهي لم تشأ أن تترك نفسها ليأكلها، ولكنها جعلته يكتفي بلحسها مرة كل ليلة إن استطاع، ثم يغلق عليها القشرة ثانية، ومع كل لحسة تعطيه نفحة وما تلبث أن تتحول تلك النفحة داخله إلى نفخة حتى تحول إلى برميل، وعليه لقب أمير، وبعد سجن الأب وأسر الإخوة أضحت الإمارة بكل من فيها طوع أمره، وأمر ( موزته )، وبدأ يحول ذلك المكان المقفر إلى إمارة بحق وحقيق مستعينا بذلك العقل الجهنمي القابع خلف تلك القشرة حتى أضحت إمارته يشار إليها بالبنان، وأضحى لها صوت وصورة ، واسم على الخريطة، وتُعقد الاجتماعات بها، وعلى أرضها، وتبث للعالم أخبار العالم، وبدأت تتحول بذلك الإكسير الموزي إلى شيء آخر حيث بدأت تظهر عليها علامات الرجولة المصطنعة، حيث يكبر الطفل فجأة بدافع الهرمونات، ويجد نفسه طويلا فارعا مع أن صوته لا زال صوت طفل، ولكنه يعتقد أنه رجل بل سيد الرجالة، أو أسد، ولما لا وقد شاخت الأسود وجرحت النمور، وتكتفت الفهود، وسحرت (الموزة) من حولها، وأول من سحرته أميرها حتى خيل إليه أنه (أمير بجد ) و(ملك بجد) وممكن أن يكون ذي شأن أقوى من مكانه ( من تلك البقعة الصغيرة التي لا تعدو مجرد قطرة من القطرات التي تبخها السماء في تلك الصحراء القاحلة، وتجعل من يشاهد هذه القطرات يعتقد أن هناك اء وهناك حياة، ثم ما يلبث أن يجدها مجرد سراب خادع في صحراء قاحلة ورمال واهية ومياه مملحة لحظتها يعرف أنه كان (أهبل) حيث اعتقد أن الفأر يمكن أن يكون يوما ما أسدا، وأن قطرات الصحراء قد تصنع نهراً، ولكنه ليس كأي نهر إنه ( نهر الجنون) الذي أوقع ذلك البرميل المفتون.
خلص الكلام
وإلى لقاء في المقال الثالث عن قطر الكاتب/ طارق رجب

No comments:

Post a Comment