طلقة موت .....للكاتب / طارق رجب
أحيه...أحيه....العسكر عملوا فينا الأحيه
وأنا طفل صغير كانت أمي رحمها الله دائما ما تحذرني ألا أجلس مع رجل وحدي، ولا أجلس على حجر رجل أبداً، وكنت أسألها ببراءة " لما يا ماما ؟"، كانت تلطشني بالقلم وتقول شاخطة " هو كده وبس، فهمت " وكنت أمتثل دون أن أفهم، ثم عندما وجدتني أبكي متسائلاً تحتضنني وهي تقول " أنا خائفة عليك أحسن يعملك الأحيه !".
خشيت أن أسألها " ما هو يا أمي الأحيه " حتى لا تضربني ثانية فسكت وقلت لها حاضر، وجلست أفكر يا ترى ما هو هذا الأحيه وظللت لسنوات أفكر في هذا الأحيه وأنا لا أعرف حتى كبرت وعرفت ما هو الأحيه، والحمدلله ، فقد ظللت طوال عمري أحافظ على نفسي من الأحيه، حتى عندما استلمتني أمن الدولة لسنوات وسنوات لم أجعلها تعمل معي الأحيه ..! لا يا خويا ألا الأحيه.
وكبرت وشاب شعري وأنا رجل أقاوم وأهاجم ولا أهادن أبداً أحدا، وأقول للأعور دائما يا أعور، وللغولة يا أم عين حمرا، وقد نلت ما نلت من الأعور ومن الغول ومن الغولة وأولادها بتوع الداخلية، ولكن ظللت محافظا أيضا على نفسي من الأحيه، إلى أن قامت الثورة وكنت فيها حتى تنحى مبارك، فرجعت إلى صومعتي أكتب لا رحت هنا ولا هنا، ولا تاجرت وقلت ولا لبست ثوبا غير ثوبي، ولا حطيت ميك آب أو لبست جلابية بارتي، ولا دهنت رأسي من الفازلين ووشي بزيت أكل علشان يلمع أمام الكاميرات، ولا قرصت خدودي علشان تحمر خجلا وأنا أظهر خجلي وكسوفي من السؤال الساذج الذي يُسأل للمسئول من هؤلاء البعدا " هل أنت من الفلول؟ "، فيرد بعد احمرار وجهه " أبدا أنا كنت طوال عمري معارضا ضد مبارك وضد المخلوع ونظامه " أمال يا عمنا أنت بتصفق له ليه، وبتهيصله ليه، وتدافع عنه ليه، فيرد : أنا والله العظيم ما حصل، ده كذب وإدعاء، وعندما تحضر له الأوراق والكتابات، لحظتها يتهته ويقول : أصله هددني وهددوني بخطف مراتي، وتيتيم ولادي ، طب أعمل ايه قولولي يا خواتي أعمل ايه. ويبكي ... ويبكي ، ويفعل الجلسرين الذي وضعه قبل التسجيل فعله، فمجرد تحريك الجفون تنهمر الدموع، فيصعب على الناس ويقولون غلبان، والله باين عليه غلبان ومظلوم، فيجب أن نسامحه بقى، وعفى الله عما سلف ... يا أعزائي القراء أفيقوا، وانتبهوا ، هذا الرجل المسئول الذي كان سيفا علينا ثم غير رأيه وانقلب، هذا الرجل في الحقيقة عمل فينا الأحيه، نأتي إلى السادة أعضاء لجنة السياسات، والذين كانوا يرضعون من ثدي جمال ولن أقول غير ذلك، فيكفي ثدياه وأنتم عارفين الباقي!، ويسبحون بحمده ويقولون متأوهون آه ... وآه ... وآه من حلاوتك وجمالك يا جمال، يا حبيبنا وحبيب الملايين، وهناك يا أعزائي فرق طبعا بين جمال بن سوزان وجمال بن ناصر، المهم بعد كل ذلك وبعد تلك الآهات الحلوة الشجية تحولوا وقالوا : اختشي عيب ، أبدا إحنا عمرنا ما رضعنا، وعمرنا ما قولنا وعمرنا ما عرفناه، يطلع مين جمال ده، ما يكونش تقصد جمال الدولي، ذلك المجنون بتاع اسكندرية الذي يكتب على الحيطان ويقول الاتحاد جدع، وللعجب أن هؤلاء أضحوا وزراء وعلى رأسهم عمنا شرف اللي لعبها صح وخالت على الناس لعبته، وهو في الميدان يأكل رغيف فول، وقعد يقول : دي أحسن لقمة كلتها في حياتي، يا أعزائي القراء هؤلاء كلهم وعلى رأسهم عمنا شرف عمل وعملوا فينا الأحيه.
نيجي بقى للهيئة العزيزة الغالية ، خدتنا على حجرها ورضعتنا من أثدائها، وقبلتنا وطيبت بخاطرنا وقالت الشهداء في عنيا والمصابين ولادنا والشعب كله منا وإحنا منه ... النساء زغردت والرجال رقصوا عشرة بدلي ، وجاءت احتفالات يوليو وحب العسكر يركبوها على ثورة الأحرار في يناير، وجه العوالم بتوع مبارك من مغنيين ومطبلاتية وممثلين، ومنهم طبعا عمنا ( أحمد بدير ) اللي وقف قبل سابق يعيط ويبكي في التليفزيون أيام الثورة ويقول (عيب يا جماعة الرئيس مبارك كبيرنا وأبونا، عيب تعملوا في أبوكم كده ، أنتم مش متربيين) ثم قام بقدرة قادر وقام يقدم أعضاء الحفلة ويقول " نحيي الثورة والثوار الأحرار ، والعسكر والجيش، وثورة يونيو وثورة يناير، ثم قال الجيش والثوار إيد واحدة "... هب كده ، مرة واحدة ، بالذمة دول مش يبقوا عملوا فينا الأحيه وهما بيغنوا وبيتهزوا أمام العسكر، نيجي بقى للعسكر نفسه : دغدغوا مفاصلنا وزغزغونا بالكلام المزوق، والمحور والمتحور، وأننا سنفعل وأننا سنبني، وأننا سنعيد الأموال المهربة. ... وفي عهدهم السعيد تم تهريب ما لم يهرب في ثلاثين عاما ، وفي عهدهم السعيد أجريت المحاكمة الهزلية، والتي كما أوضحت في مقالاتي السابقة سترسي على مفيش، ومبارك براءة هو وأولاده، بل الأشنع يا أعزائي القراء أن مبارك وأولاده سيرفعون على الشعب المصري قضية رد شرف وتعويض عما سبناه له ولولديه وزوجته المصونة والجوهرة المكنونة سوزان هانم بنت بعضشي ... أقصد ثابت، ماذا أقول، هل بعد ما قلت وبعد ما حدث لم يفعل فينا العسكر الأحيه.
وعندما يتم سحب الأمن ويحدث التواطؤ بين الأمن والعسكر وينزل علينا البلطجية يروعون ويسرقون ويهددون حتى ننشغل بما نحن فيه عما هو حادث من تهريب أموال و لعب وتستيف قضايا وإطالة أمد القضايا. أتتذكرون قضية اللوحات المعدنية التي استمرت الإذاعات والفضائيات تتحدث عنها أكثر من خمسة أشهر، بالذمة دي قضية يتحدث عنها هذا وذاك، حد يقولي يا سادة يا كرام ماذا حدث لسرور وعزمي وعز ونظيف و .. و.. و .. ، هؤلاء في الحقيقة ليسوا ذوات أهمية مع أهميتهم، حد يقولي يا سادة يا كرام منير ثابت أين هو؟ للعلم منير ثابت هو أخو سوزان ثابت، وأين أعماله الكثيرة هو وأولاده ، لم يقترب منه أحد ولن يقترب لأنه في حما أخته، ومن كان في حمى سوزان فلا يقربه أحد وإلا ...!
بلاش ده ، عمنا سليمان باشا غانم ، آسف إنه ليس سليمان غانم بتاع الحلمية، ولكن أقصد عمر سليمان أو سليمان رايح جاي كما أطلق عليه دائما، حد يقولي فين، ولم لم يقترب منه أحد ، ولا أظن أن أحدا سوف يقترب منه مع أنه هو الصندوق الأسود على مبارك وعلى كل نظامه. على فكرة فأننا أعددت كتابا عنه أسميته عمر سليمان الصندوق الأسود.
أيضا جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الذي كان يعلم الكثير والكثير عن مبارك وأجهزته ولم يتحرك ولم يتحرك إلى الآن، وأظنه لن يتحرك أبدا، أيضا فاروق العقدة رئيس البنك المركزي عليه علامات استفهام شديدة هو و كافة رؤساء البنوك والبورصة .. هذا خلاف أكثر من خمسة آلاف رجل أعمال أو لص يختفي في ثوب رجل أعمال لم تطالهم يد إلى الآن ولا يزالون يلعبون ويتفكهون ويضحكون علينا إلى الآن، ويحركون الأحداث ولهم يد في كل الأحداث التي حدثت بالتنسيق مع أمن الدولة والمقيمين في طرة و الهيئة العسكرية الموقرة ، فهل كل هؤلاء لم يفعلوا معنا الأحيه. إن ما لدى هؤلاء من أموال وهم مازالوا طلقاء يبني مصر عشرة مرات على الأقل من الألف إلى الياء، لن أتحدث عن أموال مبارك وأولاده وزوجته ومنير ثابت وأولاده ولا الهيئة العسكرة وأولادها ولا عن المسئولين الذين إلى الآن لم تطالهم يد لا هم ولا زوجاتهم ولا أولادهم. إيه يا جماعة ، ده الأحيه كتر علينا أوي منذ أن قامت الثورة، وبقى الأحيه على ودنه ... مش معقول كده، طول عمري وأنا رجل أحافظ على نفسي من الأحيه، وفرحت بقيام الثورة وقمت وياها وقلت خلاص بقى هنبقى حاجة تانية، قمت شلت يدي التي كنت أدافع بها حتى لا يحدث لي ا لأحيه أنا وكل الشعب المصري ، ورفعناها لفوق ونحن نقول ارفع رأسك أنت مصري ، هوب ، بصينا كلنا وقولنا في صوت واحد ( إيه ده ، الحقونا يا ناس ده إحنا اتعمل فينا الأحيه ) ومن لحظتها وصرنا نغنيها ولا بد أن نغنيها حتى يذهبوا عنا ونُنقذ من الأحيه، لذلك هيا معا نغني أحيه .. أحيه .. العسكر عملوا فينا الأحيه ...!
خلص الكلام
وإلى لقاء الكاتب طارق رجب
No comments:
Post a Comment