Sunday, 22 January 2012

يا سعودية ... يا سعودية

طلقة موت ... يقدمها الكاتب / طارق رجب
يا سعودية ... يا سعودية
سيبك بقى من الحتة دية.... !
كما أسلفت في المقال السابق أن الدور السعودي واضح ومفضوح متمثلا في السلفيين وما يحاولون إحداثه في مصر، فهم يريدون ركوب بلدنا مصر وإغلاق أزهرنا والقضاء على فكرنا المعتدل ، وتحويله إلى أزهر وهابي متشدد، ثم بعد ذلك يُزال الاسم الأول ( أزهر) ويُطلق عليه ( الوهابي) ويأتي يوم نقول ( جامعة الوهابيين ) أو ( المشيخة الوهابية) أو (دار الإفتاء الوهابية) ، وكل تلك المسميات المنبثقة عن ذلك الفكر وذلك الاسم حتى القراءات القرآنية سيتم عوج لسانها لتكون باللكنة والنغمة والنكهة السعودية، ولا أستبعد بعد ذلك أن تندثر لغتنا العامية المصرية الخاصة، ونرطن بالسعودي، ونقول (ليش و .. و..) فأنا في الحقيقة لا أحب إلا لغة بلدي المصرية ، ولن أرضى عنها بديلاً ، بل الأنكى، فأنا سوف أعترف لكم باعتراف قد لا يعرفه الكثيرون وهو أنني لا أتقن أية لغة أبداً حتى الإنجليزية، فمنذ صغري وحداثة سني وأنا شيء داخلي كان يغصبني ويمنعني من إتقان تلك اللغة وغيرها من اللغات، وكنت أنجح في امتحانها بالعافية مكتفيا بدرجة النجاح وفقط، وذلك لسبب وحيد هو شدة انتمائي لمصريتي وللغتي وإحساسي أن إتقاني للغة أخرى غير لغتي المصرية ، وهنا أشدد على كلمة مصرية فهي مصرية عربية بنكهة خاصة بها وبنا ، فهي ليست بعربية خالصة ، ولكنها مصرية معربة، قد أكون متزمتا في نظركم ، أو تتهمونني بالعنصرية، أرد وأقول : مرحبا بتلك العنصرية إن كانت أداة لأحافظ بها على هويتي المصرية وفكري المصري وكرامتي المصرية ...، فأنا منذ نعومة أظافري وأنا أؤمن أن تفريط الإنسان في لغته وإتقانه للغة غيره ما هو إلا انتقاص من جزء غالي وعزيز داخله، وإبداله بشئ آخر خارج عنه مثله مثل العضو الذي يوضع مكان العضو الخاص بك، آملا أنه سوف يؤدي نفس المهمة التي كان سيؤديها عضوك الذي خُلق فيك وخُلقت وهو بداخلك، ويحاول الأطباء استخدام الأدوية المذيبة والمثبتة والفاعلة والغير فاعلة للحيلولة دون رفض الجسم للعضو الذي أُدخل فيك عوضا عن عضوك، وتظل تأخذ هذه الأدوية لسنوات، وقد تطول العمر كله ناهيك عن إحساسك الداخلي أنه لم تعد أنت أنت ، بل أضحيت اثنان منقسمان، وفي نهاية الأمر لا تشعر بنفسك وتشعر بالدونية وتسأل نفسك هل ذلك العضو هو ما أبقاني على الحياة ،أم أنت من جعلت الحياة تستمر فيه ؟ وفي ظل ذلك التشتت الجسدي يحدث تشتت عقلي بعد أن يسبقه التشتت النفسي، فتتحول إلى شخص غير الشخص الأصلى، هكذا تفعل اللغة عندما يذوب فيها متلقيها ويتوغل فيها دون فهم جاهلا متجاهلا لغته ، مبهورا بها وما تحتويه من ثقافات، يؤدي انبهاره بها إلى إزدرائه للغته، ومن ثم لثقافته وموروثه وتقاليده، التي شب ونشأ عليها، وينتهي أمره لا هو مصري ولا انجليزي أو أمريكي أو ألماني أو ..أو.. ، لذلك كنت أشعر دائما أنني إن كنت أريد أن أحافظ على مصريتي خالصة يجب
الا أتعلم أو أذوب أو أحول لساني إلى لغة أخرى تتحول إلى ثقافة أخرى، وفكر آخر، ومن ثم يتعلق قلبي بآخر، ومنه يتعلق عقلي بآخر، مما يؤدي بي إلى سلوك آخر وينتهي بي إلى إنسان آخر غير ذات الإنسان الذي ولدتني أمي به، هذا إيماني وإصراري على فكرتي، طب أعمل ايه في الثقافات، أقنعت نفسي أن هناك شيئا اسمه ترجمة وقاموس ، وأشخاص مهمتهم الترجمة قد يضحون بذلك الخلل الحادث لهم في سبيل ألا يضيع الباقي، ومن تلك الترجمات يعربون الثقافات ويمصرونها إلى اللهجة المصرية والعربية لآكلها، فيكسب شيئان : الأول لغته وكرامته وروحه وإنسانيته والثاني إزدياد في الوعي والثقافة وتوسع في المدارك دون الإنزلاق إلى ماهو دون ذلك ، هذه رؤيتي وإيماني بتلك الرؤية والخلاف لا يفسد للود قضية.
نعود إلى ما كنا نتحدث عنه، المصرية أي اللهجة المصرية واللغة المصرية، فالفكر السلفي أو الغزو الوهابي السعودي الممول بريالات البترول لن تجعلنا ( نريل لها أو أمامها )، إننا كمصريين لدينا الكثير والكثير فنحن في الحقيقة أغنى من السعودية ، بل أغنى من كافة دول الخليج مجتمعة رغم البترول الذي ينفجر فيها ، ولكن ما ينقصنا هو العدالة في التوزيع ، والطرق الجيدة لاستثمار ما وهبه الله لنا من خيرات.
وأنا لدي فكرة قد تُدخل إلى مصر بلدي مالا يقل عن ثلاثة وقد يصل إلى خمسة تريليون دولار أي ألف ألف مليون دولار في مدة لن تزيد بأي حال من الأحوال عن ستة أشهر فقط لا غير مما سوف يجعل الاقتصاد المصري في السماء، ويهوي بالدولار إلى أسفل سافلين ويعيده إلى مكانه الصحيح وهو أنه لا يساوي أكثر من ريال مصري، أي ما يساوي عشرون قرشا. ونعود إلى مقولة الفنان ( إسماعيل يس ) أو ( جميز ) عندما قال للبطل الآخر أمامه أنه يقبض ون دولار، أي ريال مصري ،أي عشرون قرشا مصريا، ألا ترون يا سادة ، هل تعرفون ما معنى خمسة تريليون دولار بسعر الدولار الحالي ستة جنيهات أي ما يوازي ثلاثين تريليون جنيها من الجنيهات المصرية ، أو حتى النصف خمسة عشرة تريليون جنيها مصريا، وبالتالي لن يوجد بعدها بطالة أو فجوة غذائية أو إسكانية أو فشل صحي أو انحدار تعليمي ، ولكن فقط نرجو وجود أهم شيء : إخلاص النوايا، هذا عن المال، أما الأرض فيمكن أن تتضاعف إلى عشرون أو ثلاثين مليونا من الأفدنة، إنها ليست نكتة ،ولكنها حقيقة متأكد من جدواها ونجاحها ، أما عن مشكلة المياه فلها بدل الحل حلول، ولكن فقط كما قلت : الإيمان بالفكرة والإخلاص في النوايا، والتطوع إلى خدمة شيء واحد فقط ، مصر ، مصر وفقط ، مصر أولا ، ومصر ثانيا ،ومصر أخيرا، مصر عندما تحيا، ومصر عندما تموت. وإن تحقق كل ذلك فلن يكون للوجود أو المد السعودي أي وجود أو معنى ، وسيندثر الفكر السلفي الذي أتى ببعيره وبعده المالي والإقتصادي، بل قد تتحول السعودية عما قريب إلى دولة متمصرة مصرية تعتنق فكرنا وتتحدث بلهجتنا وتفكر بعقلنا، لذلك أقولها على الملأ ودون أدنى خوف إبعدي عنا يا سعودية .. ليس لكي عيش في الحتة دية فمصر أبداً وعلى الدوام تؤثر ولا تتأثر، وإن نسيتم المحمل فالتاريخ والتكية المصرية في بلدكم تذكركم من نحن ومن أنتم.
وإلى لقاء
الكاتب / طارق رجب

No comments:

Post a Comment